تاريخ مدينة الرباط

[ميسا]

الرباط





التاريخ


يعتبر رباط المنستير أقدم رباط في المغرب العربي وأهمها بلا منازع وقد بناه حسب النمط المنتشر خلال القرن الثالث عشر الوالي هرثمه بن الأعين العضد الأيمن للخليفة هارون الرشيد أو حسب نمط آخر من قبل معاوية بن حديج. وقد صممه زكرياء ابن الحقادم أشهر المهندسين المعماريين في المشرق واختار له موقعا مناسبا من الجانب العسكري. وبعكس رباط مدينة سوسة، شهدت القصبة التابعة إلى رباط المنستير عدة تطورات في حركة نحو المركز على مدى القرون وذلك بهدف متابعة تطوّرات المعدات الحربية وفن التحصين وبسبب تلك التحويرات المتوالية يجد الزائر اليوم أن المظهر المعماري لمختلف البنايات معقد وفي الحقيقة لا يعدو ذلك التعقيد أن يكون إلا ظاهريا. فقبل عمليات التوسيع كان شكل الرباط رباعي الأضلاع ذا وجهة شمالية جنوبية وكان يتكون من أربعة بنايات تطل على ساحتين داخليتين. وحسب الحافظ الإسكندر لزين كانت هناك بناية خامسة تربط بين الجانبين الشرقي والغربي. وتكوّن هذه البنايات هيكل الرباط وهي قائمة ومصانة منذ سنة 796. ويطل المدخل المكوّع الحالي الموجود في الجناح الغربي للرباط على بهو يطل بدوره على ساحة شاسعة تستعمل بحلول الصيف كمساحة للعروض وتتوالى فيها الحفلات والمسرحيات خلال شهري جويلية و أوت في إطار المهرجان السنوي لمدينة المنستير. ويتكون الجناح الجنوبي للرباط من مدخل محوري يعلوه برج مستطيل الشكل وبرج مراقبة مركز على هرم مقطوع وبرج دائري في الزاوية المواجة. ويمكن الدخول إلى برج المراقبة خلال الأوقات المخصصة لزيارة الحصن. ويتكون هذا البرج من قرابة مائة درجة في شكل لولبي تصل مقاسات كل منها 20 صم ويشرف البرج على خليج المنستير ويمكّن من مراقبة أساطيل الأعداء التي كانت في القديم تحاول غزو المدينة. وكانت الإشارات الضوئية تنبعث ليلا من عدة مواقع للحراسة وخلال النهار ينطلق الحمام المسافر من البرج محملا بالرسائل نحو القلاع والحصون. أما بالنسبة إلى الجناحين الشمالي والشرقي فهي تشرف على خليج المنستير من جانب الشرفات الواسعة ولحماية المدينة وضعت مدافع في الشرفة الموجودة بالطابق الأول وتجاوز عددها في نهاية القرن 19 ثلاثين مدفعا. ويمكن عند زيارة مختلف أجنحة الرباط من اكتشاف المقاسات المحدودة للحجرات التي كانت تسع عددا كبيرا من الجنود يفوق سعة رباط سوسة الذي اشتهر بمقاساته الضخمة. ويحتوي الطابق الأول من الجناح الجنوبي على رواق واسع يؤدي إلى قاعة الصلاة وتوجد قاعة صلاة ثانية في الطابق الثاني. وقد انطلقت أشغال توسيع الرباط منذ القرن التاسع بيد أنه لم يبن في موقع دير بيزنطي قديم كما ترويه الأسطورة بل بينت الحفريات المنجزة بطريقة لا شك فيها أن الأسس قد بنيت فوق أرض غير مبنية. وقد عرف هذا المعقل منذ نشأته 3 مراحل هامة قبل العهد الحفصي في القرن 12، إذ كان الحصن الصغير يغطي في القرن 7 مساحة تبلغ 1300 مترا مربعا وبعد قرابة قرن كامل وصلت مساحته إلى 220 متر مربع ثم تضاعفت مساحته في القرن الحادي عشر. ولم تمس التحويرات التي أدخلت على الرباط اثر ذلك إلا بعض التفاصيل التي حتمتها تطورات المعدات الحربية.