Untitled Document
 
العودة   منتديات لغاتى التعليمية > ~¤¦¦§¦¦¤~منتديات اللغات~¤¦¦§¦¦¤~ > منتدى اللغة الأنجليزية > قسم طلبات الترجمة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-25-2011, 10:36 PM   #1
شيخالشيوخ
لغاتى جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 1
معدل تقييم المستوى: 0
شيخالشيوخ will become famous soon enough
Question My Allah helpe me

احبابي في قسم الترجمة السلام ليكم ورحمة الله
اخواني انا ضيف جديد عليكم ارجوكم ساعدوني وفرجو لي انا في ازمة الدكتور طابنا بحث عن اللمسات القدرية في قصة يوسف علية السلام في 10 صفحات وانا بحثت عنها ولقيتها بس باللغة العربية والانجلش بس تفسير السورة فياليت احد يختصر لي الموضوع ويترجمة انا نقلتها في تسع لمسات بس كل واحدة مكررة مرتين ياليت مساعدتكم انا جدا مأزومة الله ينجيكم من النار ولكم فائق الاحترام






لمسات قدرية في سورة يوسف 1
دمأمون فريز جرار

سورة يوسف ، سورة تضمنت سيرة يوسف عليه السلام وهي من السور ذات الخصوصية التي تجعل لها في النفوس وقعا خاصا وكانت تلك الخصوصية دافعة لكثير من الدارسين للإقبال عليها ودراستها من جوانب مختلفة.
وما لفت نظري في هذه السورة ظهور لمسات قدرية فيها تساعدنا على إدراك علاقة الإنسان بالقدر هذه القضية التي شغلت الإنسان منذ كان وما زالت تشغله ويتخذ الناس فيها ومنها مواقف متباينة.
سورة يوسف التي هي في أساسها قصة يوسف تتضمن لمسات قدرية بينة الوضوح سيرت الأحداث ووجهتها وسارت بها نحو نهايات محددة ولكننا في الوقت نفسه نجد للإنسان فعلا وإرادة في تسيير الأحداث أو توجيهها وفق ما يملك من فكر وإرادة وقدرة وعلم وحكمة.
ولنبدأ القصة من أولها.. من الرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام وهذه الرؤيا أولى لمسات القدر التي تواجهنا وأقول هي لمسة قدر لأنها ليست فعلا إراديا يقوم به الإنسان بل أمر يأتيه من غير طلب . بل إنها أمر أثار ذلك الغلام فاندفع نحو أبيه في دهشة وتعجب ولنستمع إليه وهو يقص على أبيه ما رأى: (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين). ولعل ما يلفت النظر هذا التكرار للفعل (رأيت) وفيه ما فيه من دلالة الاندهاش من الرؤيا.
وهناك أمر آخر يقربنا مما رآه يوسف عليه السلام هو استخدام ضمير (هم) في الحديث عن الكواكب والشمس والقمر لا ضمير (ها) فلم يقل رأيتها لي ساجدة بل قال (رأيتهم لي ساجدين) وفي هذا التعبير ما يوحي بأن هذه الكواكب والشمس والقمر تشخصت في صورة أخرى جعلتها كائنات قابلة للسجود مع المحافظة على كونها كواكب وشمسا وقمرا جعل يوسف يدرك أصلها ويراها ساجدة له.
فاللمسة القدرية الأولى كانت هي الرؤيا وقد رأينا في تأويل يعقوب عليه السلام لها أنها رؤيا تحدد مسار ابنه يوسف عليه السلام. فقد فهم من الرؤيا أنها بشارة بالاجتباء الإلهي ليوسف وهذا أيضا قدر هو من ثمرات الرؤيا لا يد له فيه بل هو منة إلهية. ومن ثمرات الاجتباء تعليم يوسف تأويل الأحاديث وسنجد من آثار هذا التعليم لتعبير الرؤيا أثرا مهما في حياة يوسف من بعد يكون به تمام النعمة عليه وعلى آل يعقوب وذلك أيضا قدر لم يصنعوه هم بل كان من فضل الله تعالى عليهم.
هذه هي الصفحة الأولى التي تتجلى فيها لمسات القدر في حياة يوسف وسيرته بالرؤيا وما له بها صلة.



لمسات قدرية في سورة يوسف 1
دمأمون فريز جرار
سورة يوسف ، سورة تضمنت سيرة يوسف عليه السلام وهي من السور ذات الخصوصية التي تجعل لها في النفوس وقعا خاصا وكانت تلك الخصوصية دافعة لكثير من الدارسين للإقبال عليها ودراستها من جوانب مختلفة.
وما لفت نظري في هذه السورة ظهور لمسات قدرية فيها تساعدنا على إدراك علاقة الإنسان بالقدر هذه القضية التي شغلت الإنسان منذ كان وما زالت تشغله ويتخذ الناس فيها ومنها مواقف متباينة.
سورة يوسف التي هي في أساسها قصة يوسف تتضمن لمسات قدرية بينة الوضوح سيرت الأحداث ووجهتها وسارت بها نحو نهايات محددة ولكننا في الوقت نفسه نجد للإنسان فعلا وإرادة في تسيير الأحداث أو توجيهها وفق ما يملك من فكر وإرادة وقدرة وعلم وحكمة.
ولنبدأ القصة من أولها.. من الرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام وهذه الرؤيا أولى لمسات القدر التي تواجهنا وأقول هي لمسة قدر لأنها ليست فعلا إراديا يقوم به الإنسان بل أمر يأتيه من غير طلب . بل إنها أمر أثار ذلك الغلام فاندفع نحو أبيه في دهشة وتعجب ولنستمع إليه وهو يقص على أبيه ما رأى: (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين). ولعل ما يلفت النظر هذا التكرار للفعل (رأيت) وفيه ما فيه من دلالة الاندهاش من الرؤيا.
وهناك أمر آخر يقربنا مما رآه يوسف عليه السلام هو استخدام ضمير

كيد الإنسان وقدر المكان
لمسات قدرية في سورة يوسف 2

كانت الرؤيا اللمسة القدرية الأولى في حياة يوسف عليه السلام ،
والغريب أو الذي يلفت النظر أن يعقوب عليه السلام جعل تحذيرا مع البشارة ليوسف بتعليم الله له تأويل الأحاديث وتمام النعمة عليه وعلى آل يعقوب وقد تجلت آثار هذا التحذير سريعا
والغريب أيضا أن يعقوب نهاه عن إخبار إخوته بالرؤيا وذلك يعني أن البوح بها خطر عليه وقد وضع لمسة مهمة في التحذيرهي قوله : (إن الشيطان للإنسان عدو مبين) وفي هذا الكلام إشارة إلى مصدر الشر ومنبع وحيه وهو الشيطان ونجد صدى هذا التحذير من الشيطان في آخر قصة يوسف حين قال لأبيه: ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) ويتضح الأمر جليا حين نربط كلام يعقوب بكلام يوسف عليهما السلام وقبل أن نقف على اللمسة الجديدة في حياة يوسف نقف على كيد الإنسان الذي هو عمل إرادي يبوء بإثمه فاعله وهو الحسد الذي دفع إلى تآمر الإخوة على أخيهم تآمرا يصل إلى حد التفكير بقتله وهذا التفكير جريمة وفعله جريمة أكبر
ولكن يقف الإنسان وهو مندهش من لمسة القدر الإلهي كيف تجري في غفلة من الكيد الإنساني فبدلا من أن يتحقق كيدهم ومكرهم يتحقق كرم الله وإنعامه وتمضي الأقدار لتقود يوسف إلى تمام النعمة وتأويل الأحاديث ولترى إخوة يوسف ينقلب عليهم مكرهم فلا يخلو لهم وجه أبيهم بل يتوله على الابن الغائب الذي كان عنده يقين أنه حي وأنه سيلقاه ذات يوم لكن بعد محنة عصيبة
لقد فكر إخوة يوسف في طرق يتخلصون بها من يوسف فعرض بعضهم القتل واقترح بعضهم أن ينفوه من ديارهم وانتصر الرأي الثاني واتفق الإخوة على أن يلقوا يوسف في جب على طريق القوافل لتلتقطه قافلة وتمضي به إلى ديار بعيدة
إن مما يلفت النظر أن يعقوب عليه السلام لم يبحث عن يوسف بعد أن عاد أبناؤه زاعمين أن الذئب قد أكله مع يقينه أنهم كاذبون
وكذلك يوسف استسلم للقدر فلم يحدث أهل القافلة بأمره بل لاذ بالصمت مستندا إلى وحي الله له (لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون )
ولنقف على لمسة القدر الرائعة التي تجلت في كون القافلة التي التقطت يوسف كانت متجهة من الشام إلى مصر ولم تكن متجهة من مصر إلى الشام
ولا يعلم إلا الله ماذا كان سيحدث لو كان ذلك بل أقول لم يكن ذلك ليحدث لأن القدر الإلهي رتب ليوسف دورا في مصر لا في سواها بل أكثر من هذا كان من تتمة القدر الإلهي أن يكون عزيز مصر لاينجب وأنه بحاجة إلى غلام ذي مواصفات محددة ليصلح للعمل عنده ويكون بمنزلة الابن ولذلك كان من قدر الله تعالى أن اشتراه عزيز مصر لا سواه ومن القدرالذي لم يكن ليوسف يد فيه أن خلقه الله تعالى في غاية الحسن وقد كان هذا القدر بالحسن اللافت للنظر سببا في محنة قادته إلى المنحة الربانية التي تحققت بها الرؤيا .

كيد الإنسان وقدر المكان
لمسات قدرية في سورة يوسف 2
كانت الرؤيا اللمسة القدرية الأولى في حياة يوسف عليه السلام ،
والغريب أو الذي يلفت النظر أن يعقوب عليه السلام جعل تحذيرا مع البشارة ليوسف بتعليم الله له تأويل الأحاديث وتمام النعمة عليه وعلى آل يعقوب وقد تجلت آثار هذا التحذير سريعا
والغريب أيضا أن يعقوب نهاه عن إخبار إخوته بالرؤيا وذلك يعني أن البوح بها خطر عليه وقد وضع لمسة مهمة في التحذيرهي قوله : (إن الشيطان للإنسان عدو مبين) وفي هذا الكلام إشارة إلى مصدر الشر ومنبع وحيه وهو الشيطان ونجد صدى هذا التحذير من الشيطان في آخر قصة يوسف حين قال لأبيه: ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) ويتضح الأمر جليا حين نربط كلام يعقوب بكلام يوسف عليهما السلام وقبل أن نقف على اللمسة الجديدة في حياة يوسف نقف على كيد الإنسان الذي هو عمل إرادي يبوء بإ



لمسات قدرية في سورة يوسف 3
كيد النساء وملاذ السجن
د. مأمون فريز جرار

"وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا".
هذا ما كان من عزيز مصر الذي اشترى يوسف عليه السلام رأى أنه بشرائه يوسف غنم عبدا نافعا يصلح أن يكون ولدا بالتبني
والأمر كان مدار عرض وتفكير بينه وبين زوجته لكن هذا الغلام على كل حال نافع في ما يقدمه من الخدمة في البيت
هكذا الأمر في ما يبدو للعين
ولكن يد القدرة الإلهية التي تدبر الأمر تخبرنا أن دخول يوسف عليه السلام بيت العزيز كان بداية التمكين له في الأرض ومنطلق تحقيق الرؤيا وذلك ما لم يعلمه أحد غير الله تعالى
(وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
دخول بيت العزيز كان
بداية التمكين ليوسف في الأرض
وتعليمه تأويل الأحاديث مرقاة له إلى موعود الله تعالى له بالتمكين الفعلي في الأرض
وفي الآية إشارة لا بد من الوقوف عندها
(ولكن كثر الناس لا يعلمون)
أكثر الناس غافلون عن مجريات القدر الإلهي ينظرون إلى سطوح الأحداث تغرهم تسرهم تزعجهم ترضيهم تغضبهم لكن كم منهم من يخترق السطح إلى الأعماق وتجاوز القشور إلى اللباب
ويتلقى الرسالة ويرضى كما رضي يعقوب من قبل ورضي يوسف أن كون عبدا يباع ومملوكا يشترى وخادما في بيت عزيز مصر
كم من الناس ينظر إلى الأحداث بعين الخضر لا بعين موسى عليهما السلام
ولنتنبه إلى الإشارة إلى تعليم يوسف عليه السلام تأويل الأحاديث كان لا بد أن تقع رؤى وأن تعرض على يوسف عليه السلام ليؤوّلها وليعلم الناس فضل ما لديه من العلم
لا بد من محركات للأحداث هي كالريح التي تسوق أشرعة السفن في البحار لتمضي إلى غاياتها
ولننظر في محركات الأحداث التي سارت بيوسف درجة درجة إلى أن بلغ تمام النعمة
بلغ يوسف في بيت العزيز بعد مدة من دخوله أشده
وهذا يعني أنه بلغ مبلغ الرجال ونضجت شخصيته الذكورية
يتجلى ذلك في تلك العاطفة الأنثوية التي بدأت تتحرك وتنمو في قلب سيدته امرأة العزيز
لم يعد يوسف قي نظرها الفتى الصغير والعبد المستخدم
ولم يرق لها عرض زوجها أن يتخذاه ولدا
لقد تحول من عبد في أعين من حوله إلى سيد لها في قلبها
صار مشتهاها وشاغل فكرها تراقبه وتتابعه وتعيش معه في خيالها حياة أخرى غير ما يجري أمام أعين الناظرين
ولما أن بلغ الأمر في خيالها منتهاه
ولم تعد تطيق صبرا أن يظل ما تتمناه خيالا تعيشه في أحلامها يقظة ومناما قررت أن تحول الحلم إلى حقيقة.
خططت ودبرت واعدت للقاء الموعود العدة يوضح ذلك كله
(وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك)
كان رد فعله
(معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون)
الله ربه لا يرضى له أن يمارس الفاحشة
وسيده صاحب البيت وزوج المرأة التي تراوده أحسن إليه وأكرم مثواه وعامله معاملة طيبة فكيف يخونه في امرأته
وذلك الذي تدعوه إليه ظلم لا يفلح فاعله
وهو لا يحب أن يكون من الظالمين
كل ذلك لم يجل غمرات الشهوة
فقد اتخذت قرارا لا رجعة عنه
ولو كان باغتصاب يوسف إن لم يقبل عليها طوعا
وكان ما كان من تمنعه وتمزيقها قميصه
وكان ما لم تكن تتوقعه من عودة الزوج إلى بيته وهي في غمرة الأحداث
لأنه لا يتصور أن تخطط لأمر مثل هذا في وقت تتوقع فيه عودة الزوج
وكان ما كان من قيام الدليل على براءة يوسف.
ورأى أن محطته التالية هي السجن الذي يجد فيه أمنا من الإغراءات
وتحقق له ما أراد
ووافق ذك ما اقترحته امرأة العزيز من عقوبة عند انكشاف امرها
(ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم)
كان السجن مخرجا للعزيز يستر به وجهه وسمعة امرأته بعد انتشار الخبر بين الناس
وكأن مخرجا ربانيا ليوسف يأمن فيه على دينه وتتكشف فيه هبة الله له بتأويل الأحاديث.







لمسات قدرية في سورة يوسف4
رؤى في السجن
د.مامون فريز جرار

دخل يوسف عليه السلام السجن ليكون ملاذا آمنا له
يتقي فيه كيد النساء بعد أن بلغ حدا لا يطاق
وليتحقق له في السجن ما أراد الله له من النعمة والكرامة لا ما أرادت له امرأة العزيز ومن معها من النسوة من الفتنة والمتعة الحرام
وهذا يذكرنا بما أراده له إخوته من النفي والإبعاد ليتخلصوا منه ولكن لله مراد وللناس مراد
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
دخل يوسف السجن
ويتجلى الترتيب القدري في هذا الدخول حين يدخل معه السجن فتيان ألا يذكرنا هذا الترتيب بما كان من أمر القافلة من قبل
تلك القافلة التي كانت متجهة نحو مصر
دخل معه السجن فتيان نعرف من بداية رحلة يوسف في السجن أنهما كانا متهمين في قضية خطيرة
وتجلى ذلك في ما رأيا من رؤيا وقد شغل بال كل منهما ما سيكون من حكم في حقه
وتجلى ذلك في رؤياهما
دخل مع يوسف الفتيان المتهمان لتنكشف موهبة يوسف في تأويل الرؤى
ولنرى بعض تجليات تأويل يعقوب لرؤيا يوسف من قبل :
(ويعلمك من تأويل الأحاديث)
جاءت الفرصة في السجن الذي هرب إليه يوسف من الحرام المتجلي في كيد النساء ليفتح له باب العلم من حيث لا يحتسب الجاهلون
وكانت رؤيا كل من صاحبي السجن لمسة قدر جديدة في حياة يوسف كما كان تأويل الرؤى
فكلاهما أمر لا إرادة للإنسان فيه
ونجد يوسف قبل أن يؤول ما رآه صاحباه
وقد تفتحت شخصيته وتجلت ملامحها الإيمانية
فلم يعد ذلك الخادم في بيت العزيز بل صار الداعي
لمسات قدرية في سورة يوسف4
رؤى في السجن
د.مامون فريز جرار
دخل يوسف عليه السلام السجن ليكون ملاذا آمنا له
يتقي فيه كيد النساء بعد أن بلغ حدا لا يطاق
وليتحقق له في السجن ما أراد الله له من النعمة والكرامة لا ما أرادت له امرأة العزيز ومن معها من النسوة من الفتنة والمتعة الحرام
وهذا يذكرنا بما أراده له إخوته من النفي والإبعاد ليتخلصوا منه ولكن لله مراد وللناس مراد
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
دخل يوسف السجن
ويتجلى الترتيب القدري في هذا الدخول حين يدخل معه السجن فتيان ألا يذكرنا هذا الترتيب بما كان من أمر القافلة من قبل
تلك القافلة التي كانت متجهة نحو مصر
دخل معه السجن فتيان نعرف من بداية رحلة يوسف في السجن أنهما كانا متهمين في قضية خطيرة
وتجلى ذلك في ما رأيا من رؤيا وقد شغل بال كل منهما ما سيكون من حكم في حقه
وتجلى ذلك في رؤياهما
دخل مع يوسف الفتيان المتهمان لتنكشف موهبة يوسف في تأويل الرؤى
ولنرى بعض تجليات تأويل يعقوب لرؤيا يوسف من قبل :
(ويعلمك من تأويل الأحاديث)
جاءت الفرصة في السجن الذي هرب إليه يوسف من الحرام المتجلي في كيد النساء ليفتح له باب العلم من حيث لا يحتسب الجاهلون
وكانت رؤيا كل من صاحبي السجن لمسة قدر جديدة في حياة يوسف كما كان تأويل الرؤى
فكلاهما أمر لا إرادة للإنسان فيه
ونجد يوسف قبل أن يؤول ما رآه صاحباه
وقد تفتحت شخصيته وتجلت ملامحها الإيمانية
فلم يعد ذلك الخادم في بيت العزيز بل صار الداعية إلى الله
وكانت أولى ملامح الداعية قد تجلت في موقف المواجهة مع امرأة العزيز حين لم يستسلم لطغيان شهوتها وهياج أنوثتها بل وقف موقف المذكر لها ولنفسه بالله وبحق الزوج وبعاقبة الخيانة
وها هو الآن حر طليق وإن يكن سجينا فهو حر في أن يقول ما يشاء ويعبر عما يؤمن به
ولذلك وجدناه قبل أن يؤول الرؤيين ينسف ما عليه أهل مصر من معتقد ويدعو إلى التوحيد الخالص لرب العالمين
وكم هي مختلفة صورة يوسف في هذا الموقف عما ألفناه من قبل كان من قبل غلاما شغل بال والده وأثار غيرة إخوانه
وكان من قبل الفتى الجميل الذي شغف به قلب امرأة العزيز تلك المرأة التي تجمع النسوة اللاتي لمنها وتأمره أن يخرج عليهن فلا يملك ردا لطلبها
أما الآن في السجن وقد تحرر من كل القيود فهو حر استعاد حريته وإرادته فهو يقول ما يشاء
ويثق الصاحبان بتأويل يوسف لما رأياه من قبل من صلاحه ومن علامات جعلتهما لا يجادلانه في التأويل
ويتحقق ما أوله يوسف
فيصلب أحدهما عقوبة على جريمة لا نعرف ما هي
وينال الآخر القرب من الملك ويصبح ساقيا له
وتأتي في السياق لمسة قدرية جديدة تؤجل الإفراج عن يوسف عدة سنوات
مع أن التوقع كان أن ينال يوسف الإفراج السريع فله شفيع عند الملك ولكن ذلك لم يحدث
فقد نسي صاحبه الوعد أن يرفع قضيته إلى الملك وكأنها صفحة طويت من ذاكرته
ترى لو أن ساقي الملك لم ينس وشفع ليوسف وخرج من السجن أكانت أموره تجري كما جرت من بعد
قدر الله غالب وإرادة الله لا راد لها
ومن جعل إرادته وفق إرادة الله واستسلم لها وتوكل على الله
نال الخير وعاش آمنا
لمسات قدرية في سورة يوسف
بصائر : من السجن إلى البراءة
د. مأمون فريز جرار
(فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين )
إنه قدر الله الغالب الذي غمى على ذاكرة السجين الناجي من السجن الذي صار للملك ساقيا لم يكن النسيان يوما أو يومين ولا أسبوعا ولا شهرا بل كان بضع سنين
ترى كيف قضى يوسف عليه السلام تلك السنين؟ أجزم أنه لم يقضها في حزن وأسى ولا في هم وغم أوليس معه منذ الجب تلك الرعاية التي جعلته يستسلم لقضاء الله ويثق بحكمته .
هذه السنوات في السجن كانت سنوات حرية وتخلص من آثار سنوات العيش في قصر العزيز مع سيدة القصر التي لم تحسن اتخاذه ولدا كما أراد زوجها
بل إن مما يلفت نظري أن يوسف عليه السلام لم يفك أسره من قيد العبودية في أي موضع من مواضع السورة مما يدل على أنه منذ شرائه لم يكن عبدا بصك عبودية بل كان أقرب إلى الولد المتبنى كما قال من اشتراه :
(عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا )
وكذلك يبدو أنه كان .
ولك أن تقف مع هذه المحنة المنحة التي تعرض لها نبي الله يوسف وقد تسأل لماذا ؟
ولماذا في السجن ؟
وقد كان بعض الجواب من قبل في تأويل الرؤيا وبعضه في ما هو مقبل من لمسات القدر في حياة يوسف
كان يمكن أن ينسى يوسف في السجن سنين بلا عدد
ولم يكن له باب فرج ممن توله قلبها به لأن أي شفاعة منها سيكون فضيحة لها وإدانة لموقفها ولذلك لم تسأل عنه على مرور السنين
وإذا كانت المتولهة به قد تجاهلت محنته بل كانت سببا ظاهريا فيها فإن ربه العليم الحكيم لم ينسه بل هيأ له السبيل إلى النجاة من السجن والارتقاء إلى القصر ليكون أمينا على خزائن الأرض عزيزا في مصر بعد ما أصابه من فتون
وتأتي لمسة القدر في رؤيا جديدة يراها هذه المرة ملك مصر ويشاء الله تعالى ألا يكون في حاشية الملك من يستطيع تأويل الرؤيا بل يقولون له كلاما لا يقنعه
(أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) لم يقنعه كلامهم ولم يصدق أنه أضغاث أحلام لأن الرؤيا تكررت معه أكثر من مرة وألحت عليه فأحس أنها ذات شأن ولنتنبه إلى الصياغة :
(وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان )
ولم يقل رأيت فلو كانت الرؤيا مرة واحدة من غير تكرار لقال :رأيت كما قال يوسف من قبل لأبيه : (إني رأيت أحد عشر كوكبا)
ولننظر في حكمة الله تعالى الحكيم الخبير الذي وهب عبده يوسف تأويل الأحاديث
وجمع بين يوسف وساقي الملك السجين السابق واول له رؤياه في السجن ثم ها هو تكون رؤيا الملك مذكرا لصاحب السجن الناسي وكأنه استيقظ بعد نوم طويل امتد بضع سنين
والله أعلم بما كان من حاله حين سمع رؤيا الملك وسمع ما قاله الملأ
ولعله ضرب بباطن كفه على جبهته وهو يلوم نفسه وهو يقول : يوسف الصديق آه كيف نسيتك كل هذه السنين ولكن لا بأس ها جاءت الفرصة وفي ظروف لعلها تضمن لك الفرج
وفي لحظة الصحوة هذه وعد الملك بأن يأتي بتأويل الرؤيا قال ذلك يقينا لا شكّا فله سابق تجربة ويعطينا يوسف نموذجا في الرزانة والحكمة فلم يحدثنا القرآن الكريم عن عتاب لصديقه ولم يتردد في تأويل الرؤيا بل حدثنا عن تمنع عن الخروج من السجن إلا بعد طيّ صفحة السجن وتبييض الصحيفة وبيان الحقيقة : حقيقة براءته من السوء الذي نسب إليه ودخل به السجن.


لمسات قدرية في سورة يوسف
بصائر : من السجن إلى البراءة
د. مأمون فريز جرار

(فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين )
إنه قدر الله الغالب الذي غمى على ذاكرة السجين الناجي من السجن الذي صار للملك ساقيا لم يكن النسيان يوما أو يومين ولا أسبوعا ولا شهرا بل كان بضع سنين
ترى كيف قضى يوسف عليه السلام تلك السنين؟ أجزم أنه لم يقضها في حزن وأسى ولا في هم وغم أوليس معه منذ الجب تلك الرعاية التي جعلته يستسلم لقضاء الله ويثق بحكمته .
هذه السنوات في السجن كانت سنوات حرية وتخلص من آثار سنوات العيش في قصر العزيز مع سيدة القصر التي لم تحسن اتخاذه ولدا كما أراد زوجها
بل إن مما يلفت نظري أن يوسف عليه السلام لم يفك أسره من قيد العبودية في أي موضع من مواضع السورة مما يدل على أنه منذ شرائه لم يكن عبدا بصك عبودية بل كان أقرب إلى الولد المتبنى كما قال من اشتراه :
(عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا )
وكذلك يبدو أنه كان .
ولك أن تقف مع هذه المحنة المنحة التي تعرض لها نبي الله يوسف وقد تسأل لماذا ؟
ولماذا في السجن ؟
وقد كان بعض الجواب من قبل في تأويل الرؤيا وبعضه في ما هو مقبل من لمسات القدر في حياة يوسف
كان يمكن أن ينسى يوسف في السجن سنين بلا عدد




لمسات القدر في سورة يوسف 6
لمسات القدر وتدبير البشر
د. مأمون فريز جرار

أوّل يوسف الرؤيا لساقي الملك وكان تأويلا وجد في قلب الملك مكانا
وأحس أن صاحب التأويل إنسان يوثق به ويعتمد عليه فكان أمره :
(ائتوني به)
وهو أمر يدل على الإعجاب إلى حد الانبهار والعجب أن يكون في السجن
ولم يسارع يوسف إلى تلبية دعوة الملك والانصياع لأمره
إنه يوسف الحكيم الذي وهبه الله عقلا راجحا يزن الأمور قبل الإقدام عليها
لقد دخل السجن دخولا احتياطيا للملمة الفضيحة وإطفاء نار الاشاعة
فكيف يخرج وأصداؤها في آذان الناس الذين يعيرون ولا يغفرون
فلتكشف الحقيقة
لم يكن يوسف عليه السلام قدريا تمضي الأمور معه استسلاما
بل لا بد أن توضع الأمور في نصابها
وليظهر البريء
ولينكشف المجرم
ولو كان سيدة القصر التي اتهمته بما همت به
وما أعظمه من مجلس يتولى الملك التحقيق فيه ويوسف غائب عنه في السجن ينتظر وضع الأمور في نصابها قبل الخروج .
ما أعظمه من مجلس توضع فيه الأوراق مكشوفة من عير ستر
وتظهر فيه الدخائل والحقائق من عير تزوير
وتعلن براءة من سينتقل من السجن إلى القصر
(حاشا لله ما علمنا عليه من سوء)
شهادة نسوة المدينة


لمسات القدر في سورة يوسف 6
لمسات القدر وتدبير البشر
د. مأمون فريز جرار
أوّل يوسف الرؤيا لساقي الملك وكان تأويلا وجد في قلب الملك مكانا
وأحس أن صاحب التأويل إنسان يوثق به ويعتمد عليه فكان أمره :
(ائتوني به)
وهو أمر يدل على الإعجاب إلى حد الانبهار والعجب أن يكون في السجن
ولم يسارع يوسف إلى تلبية دعوة الملك والانصياع لأمره
إنه يوسف الحكيم الذي وهبه الله عقلا راجحا يزن الأمور قبل الإقدام عليها
لقد دخل السجن دخولا احتياطيا للملمة الفضيحة وإطفاء نار الاشاعة
فكيف يخرج وأصداؤها في آذان الناس الذين يعيرون ولا يغفرون
فلتكشف الحقيقة
لم يكن يوسف عليه السلام قدريا تمضي الأمور معه استسلاما
بل لا بد أن توضع الأمور في نصابها
وليظهر البريء
ولينكشف المجرم
ولو كان سيدة القصر التي اتهمته بما همت به
وما أعظمه من مجلس يتولى الملك التحقيق فيه ويوسف غائب عنه في السجن ينتظر وضع الأمور في نصابها قبل الخروج .
ما أعظمه من مجلس توضع فيه الأوراق مكشوفة من عير ستر
وتظهر فيه الدخائل والحقائق من عير تزوير
وتعلن براءة من سينتقل من السجن إلى القصر
(حاشا لله ما علمنا عليه من سوء)
شهادة نسوة المدينة
(أنا راودته عن نفسه)
شهادة المرأة التي ألقت التهمة وكانت صاحبة اقتراح السجن
بعد هذا يأتي طلب الملك ولكن على غير صيغة الطلب الأول :
(ائتوني به أستخلصه لنفسي)
في هذه اللحظة الحاسمة في سيرة يوسف تتجلى كل لمسات القدر السابقة :
الرؤيا التي رآها ،
ومفارقته أباه بكيد الإخوة ،
وانتقاله إلى مصر بتدبير القدر الإلهي وشراء عزيز مصر له ،
وتوله امرأة العزيز به وتمنعه واعتصامه بربه ،
وإلقاؤه في السجن ،
وتوافق سجنه مع صاحبيه اللذين يصبح أحدهما ساقي الملك ،
ورؤيا الملك التي تأتي بعد حين ،
كل ذلك كان تمهيدا ومقدمة لبداية تمام النعمة
(وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث نشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين)
ومن لمسات القدر التي تمهد للقائه بإخوته ولم شمل أسرته من جديد هذا الجدب الذي يأتي بعد سنين فلا يصيب مصر وحدها بل ما حولها من البلاد
مما يجعل إخوته يتجهون نحو مصر لا إلى غيرها
لأن حكمة يوسف الذي تولى خزائن الأرض حمت مصر من الكارثة الاقتصادية وجعلتها محط انظار الجياع أو الباحثين عن الحبوب التي تقوم بها الحياة
إنها حكمة الله التي تجمع يوسف بإخوته بعد سنين طويلة ليجد تأويل وعد الله له: (لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون).
وها هم يدخلون عليه فيعرفهم بسيماهم التي لم تتغير تغيرا يخفون به عليه
ولكن أنى لهم أن يعرفوه
وقد كان صغيرا فكبر وعليه أبهة السلطة التي شكلت حجابا جعلهم لا يعرفونه ويبدأ فصل جديد في حياة يوسف نجد فيه آثار لمسات القدر وملامح تدبير البشر.


7 لمسات القدر في سورة يوسف
المحنة وتمام النعمة
د. مأمون فريز جرار
ما الذي كان يفعله أحدنا لو كان مكان يوسف عليه السلام وقد مكن الله تعالى له في الأرض؟
أليس التفكير في ذلك الأب الذي توله قلبه به طفلا والمسارعة إلى إحضاره إلى مصر لتقر عينه بعد طول ألم بسبب ما كان من فراق ومحنة؟
ترى هل نسي يوسف أباه على مر السنين؟
وهل نسي إخوته وما كادوه له من تدبير ألقى به بعيدا عن أبيه ودياره يباع في سوق الرقيق وتنال منه المحن؟
لا أظن ذلك فلم ينس يوسف أباه ،
وقد ذكر يوسف أباه وهو في السجن:
(واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب).
ولنتذكر ما قاله له أبوه في تأويل الرؤيا :
(ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق).
لقد تمت النعمة على يوسف بعد المحنة ،
وها هو صار في مصر على خزائن الأرض
وطويت من حياته صفحات مؤلمة
ويبدو أن النعمة لا تتم إلا بمحنة
وممن ستتم عليهم النعمة كما تنبأ يعقوب في تأويل الرؤيا آل يعقوب :
أي إخوته الذين كادوا له
فهل هم في حالهم الذي كانوا عليه أهل لذلك ؟
يبدو أنهم لم يكونوا بعد أهلا لها
ولذلك لا بد أن يدخلوا المحنة لتصفو نفوسهم من شوائب الماضي وجهل الكيد ويقفوا على تدبير الله لعباده ما لا يتوقعون من الخير في محن لو أنهم استشيروا في أمرها لآثروا السلامة منها لجهلهم بما فيها من الخير الذي سيتحقق لهم
وفي هذا درس للمؤمن أن يرضى بما يقع خلاف مراده
ويسلم بقضاء الله تعالى من غير تقصير أو تفريط في ما هو مطلوب منه من الاستعداد والأخذ بالأسباب.
كان لا بد لإخوته من المرور بمحنة
والوقوع في أزمة
تصفيهم وتنقيهم وتطهر نفوسهم
وكانت محنتهم على يد أخيهم الذي أرادوا به كيدا ففتح الله تعالى له من النعمة التي سيجدون أثرها في حياتهم من بعد
وكانت محنة على مراحل
بدأت بإشارة منه إلى أبيه الذي أرى أنه فهمها ولكنه لم يستعجل حتى يتثبت منها ، تلك هي طلبه من إخوته الذين لم يعرفوه أن يحضروا إليه أخاهم من أبيهم
وكان عليهم أن يسألوا العزيز :
وما أدراك أيها العزيز أن لنا أخا غير شقيق ؟
ومن نحن حتى تكون على علم بتفاصيل حياتنا؟
لكنهم لم يفعلوا ،
ولم يسألوه : لم تربط تزويدنا بالميرة بحضور أخينا فنحن جئنا لحاجة فاقضها لنا لنمضي في سبيلنا ؟
كان عليهم أن يسألوا ويفكروا وينظروا
أعطاهم إشارة لم يفهموها
وحال بينهم وبينها غربتهم







7 لمسات القدر في سورة يوسف
المحنة وتمام النعمة
د. مأمون فريز جرار
ما الذي كان يفعله أحدنا لو كان مكان يوسف عليه السلام وقد مكن الله تعالى له في الأرض؟
أليس التفكير في ذلك الأب الذي توله قلبه به طفلا والمسارعة إلى إحضاره إلى مصر لتقر عينه بعد طول ألم بسبب ما كان من فراق ومحنة؟
ترى هل نسي يوسف أباه على مر السنين؟
وهل نسي إخوته وما كادوه له من تدبير ألقى به بعيدا عن أبيه ودياره يباع في سوق الرقيق وتنال منه المحن؟
لا أظن ذلك فلم ينس يوسف أباه ،
وقد ذكر يوسف أباه وهو في السجن:
(واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب).
ولنتذكر ما قاله له أبوه في تأويل الرؤيا :
(ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق).
لقد تمت النعمة على يوسف بعد المحنة ،
وها هو صار في مصر على خزائن الأرض
وطويت من حياته صفحات مؤلمة
ويبدو أن النعمة لا تتم إلا بمحنة
وممن ستتم عليهم النعمة كما تنبأ يعقوب في تأويل الرؤيا آل يعقوب :
أي إخوته الذين كادوا له
فهل هم في حالهم الذي كانوا عليه أهل لذلك ؟
يبدو أنهم لم يكونوا بعد أهلا لها
ولذلك لا بد أن يدخلوا المحنة لتصفو نفوسهم من شوائب الماضي وجهل الكيد ويقفوا على تدبير الله لعباده ما لا يتوقعون من الخير في محن لو أنهم استشيروا في أمرها لآثروا السلامة منها لجهلهم بما فيها من الخير الذي سيتحقق لهم
وفي هذا درس للمؤمن أن يرضى بما يقع خلاف مراده
ويسلم بقضاء الله تعالى من غير تقصير أو تفريط في ما هو مطلوب منه من الاستعداد والأخذ بالأسباب.
كان لا بد لإخوته من المرور بمحنة
والوقوع في أزمة
تصفيهم وتنقيهم وتطهر نفوسهم
وكانت محنتهم على يد أخيهم الذي أرادوا به كيدا ففتح الله تعالى له من النعمة التي سيجدون أثرها في حياتهم من بعد
وكانت محنة على مراحل
بدأت بإشارة منه إلى أبيه الذي أرى أنه فهمها ولكنه لم يستعجل حتى يتثبت منها ، تلك هي طلبه من إخوته الذين لم يعرفوه أن يحضروا إليه أخاهم من أبيهم
وكان عليهم أن يسألوا العزيز :
وما أدراك أيها العزيز أن لنا أخا غير شقيق ؟
ومن نحن حتى تكون على علم بتفاصيل حياتنا؟
لكنهم لم يفعلوا ،
ولم يسألوه : لم تربط تزويدنا بالميرة بحضور أخينا فنحن جئنا لحاجة فاقضها لنا لنمضي في سبيلنا ؟
كان عليهم أن يسألوا ويفكروا وينظروا
أعطاهم إشارة لم يفهموها
وحال بينهم وبينها غربتهم
وكربة المحل
وذل الحاجة
وأبهة الملك على يوسف
ولذلك لم يدققوا النظر في وجهه
ولم تتحرك حرارة الدم في عروقهم فيعرفوا أخاهم
ولو كان بينهم وبينه سنوات طويلة تغيرت فيها ملامحه
ولكنه بقي يوسف الذي يلفت الأنظار
فكيف عميت عيونهم عنه ؟
لم يكن ليخطر لهم أن يصير يوسف عزيزا لمصر
يوسف الذي ألقوه في غيابة الجب
والتقطه بعض السيارة
ومضى إلى أحوال لم يتعبوا عقولهم بالتفكير فيها
لكن أباهم كان على حال غير حالهم
كان على علم برؤيا يوسف ودلالاتها
وتمام النعمة المنتظر وإن طال أمده
كان دائم التفكير في يوسف وما كان من أمره
وعلينا ألا ننسى أنه كان نبيا
ولذلك أقول إن يعقوب علم ما لم يعلموا مما كان من شأنهم مع عزيز مصر
وفهم من إشارة يوسف ما لم يفهموا ،
وأنا أستدل على قولي بذلك التدبير الذي زود به يعقوب أولاده حين وافق بعد شروط على مرافقة أخيهم الذي طلبه العزيز
وحدد لهم طريقة دخولهم على يوسف حين يدخلون عليه بقوله:
(يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة)
ذلك الذي قال الله تعالى عنه:
(ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه)
ولا أرى ما ذهب إليه من فهم من هذه الحاجة :رد العين ودفع الحسد
فأي عين وأي حسد في مثل حالتهم وبؤسهم وحاجتهم ومحنتهم ؟
الحاجة التي كانت في نفس يعقوب والله أعلم هي :
التثبت من كون يوسف هو يوسف
ليتأكد من الرسالة التي بعثها إليه يوسف برد البضاعة إلى إخوته
وطلب أخيه الشقيق
كانت المحنة الشديدة التي وقع فيها إخوة يوسف هي ذلك التدبير الذي قام به لاحتجاز أخيه عنده
مما أوقعهم في حرج مع أبيهم الذي أخذ عليهم الميثاق بالمحافظة عليه
وهذا التدبير لم يصب إخوانه فحسب
بل أصابت المحنة أباه
وجعلت حسرته تبلغ ذروتها حتى ابيضت عيناه
فهل كان يوسف يعلم ما يفعل
وهل كان في ما فعله قسوة لم يسلم منها أبوه ؟
هل كان ينتقم أم كان ينفذ قدر الله تعالى
بتصفية النفوس وصهرها لتكون أهلا لتمام النعمة؟













لمسات قدرية في سورة يوسف (8)
تدبير البشر في مقام القدر
د. مأمون فريز جرار
منذ خرج يوسف عليه السلام من السجن وصارعزيزا في مصر لم يعد للمسات القدر أثر ظاهر في حياته هو
فقد تجلت تلك اللمسات السابقة في تمام النعمة عليه وامتدت آثارها فيها .
وقد صار زمام الأحداث في يد يوسف عليه السلام ليتجلى القدر في ما يفكر ويخطط ويفعل
صار يوسف عليه السلام هو يد القدر لتتم النعمة على آل يعقوب عبر محنة قاسية تجلت في حياة أبيه يعقوب عليه السلام .
لقد ابتلي يعقوب عليه السلام بفراق يوسف ابتلاء لم يكن اقل من ابتلاء يوسف عليه السلام بالغربة واحداثها ،
فقد كان شديد التعلق به الى الحد الذي جعله يقول لإخوته حين طلبوا منه ان يسمح له بمرافقتهم الى النزهة التي كادوا له فيها :
(إني ليحزنني أن تذهبوا به )
وهذا القول يمكن أن يفهم على معنيين :الأول الحزن على فراقه المدةالقصيرة التي تستغرقها النزهة .
والآخر الحزن على فراقه الطويل المتوقع بكيد إخوته لأن الرؤيا التي فسرها يعقوب عليه السلام كانت توحي بالفراق الطويل لتتم النعمة .

هذا التعلق الشديد بيوسف عليه السلام ثم باخيه الشقيق من بعد أراد الله تعالى أن يطهر منه قلب نبيه يعقوب عليه السلام ليصفو قلبه لربه سبحانه فكان ما تعلق به قلبه من دون الله سبب ابتلائه مرتين .
أولم يبتل من قبل جده إبراهيم عليه السلام بولده إسماعيل الذي جاءه على كبر
لقد ابتلي بفراقه فوضعه في واد غير ذي زرع مع أمه هاجر ، نعم كان لله تعالى تدبير أن تنشأ مكة في واد غير ذي زرع بتفجر زمزم ببركة وجود الطيبين : هاجر وإسماعيل ُثم ببركة دعاء إبراهيم عليه السلام من بعد .
وابتلي به مرة أخرى حين رأى في المنام أنه يذبحه فهمّ بذلك استجابة لأمر الله
فهل كان الذبح رمزا لزوال التعلق بالولد وصفاء القلب لله الذي اتخذ من إبراهيم عليه السلام خليلا ؟
وقد كان الفصل الاول من المحنة في حياة يعقوب عليه السلام بتدبير إخوة يوسف وكيدهم له .
وكان الفصل الثاني بتدبير يوسف وكيده ؛ ذلك الكيد الذي هو التدبير الخفي الذي جاءت نسبته قي كتاب الله إلى الله تعالى :
(كذلك كدنا ليوسف ما كان له أن يأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله )
فكان يوسف في الكيد الثاني أداة في يد القدر كما كان إخوته من قبل ، ولكن شتان بين الموقفين في النوايا ؛ فقد أرادوا بكيدهم سوءا بأخيهم ومن وراء ذلك بأبيهم بتزيين الشيطان لهم واتباعهم هوى أنفسهم
وأراد يوسف عليه السلام بذلك خيرا لتهيئة أبيه وإخوته لتمام النعمة وت


لمسات قدرية في سورة يوسف (8)
تدبير البشر في مقام القدر
د. مأمون فريز جرار
منذ خرج يوسف عليه السلام من السجن وصارعزيزا في مصر لم يعد للمسات القدر أثر ظاهر في حياته هو
فقد تجلت تلك اللمسات السابقة في تمام النعمة عليه وامتدت آثارها فيها .
وقد صار زمام الأحداث في يد يوسف عليه السلام ليتجلى القدر في ما يفكر ويخطط ويفعل
صار يوسف عليه السلام هو يد القدر لتتم النعمة على آل يعقوب عبر محنة قاسية تجلت في حياة أبيه يعقوب عليه السلام .
لقد ابتلي يعقوب عليه السلام بفراق يوسف ابتلاء لم يكن اقل من ابتلاء يوسف عليه السلام بالغربة واحداثها ،
فقد كان شديد التعلق به الى الحد الذي جعله يقول لإخوته حين طلبوا منه ان يسمح له بمرافقتهم الى النزهة التي كادوا له فيها :
(إني ليحزنني أن تذهبوا به )
وهذا القول يمكن أن يفهم على معنيين :الأول الحزن على فراقه المدةالقصيرة التي تستغرقها النزهة .
والآخر الحزن على فراقه الطويل المتوقع بكيد إخوته لأن الرؤيا التي فسرها يعقوب عليه السلام كانت توحي بالفراق الطويل لتتم النعمة .

هذا التعلق الشديد بيوسف عليه السلام ثم باخيه الشقيق من بعد أراد الله تعالى أن يطهر منه قلب نبيه يعقوب عليه السلام ليصفو قلبه لربه سبحانه فكان ما تعلق به قلبه من دون الله سبب ابتلائه مرتين .
أولم يبتل من قبل جده إبراهيم عليه السلام بولده إسماعيل الذي جاءه على كبر
لقد ابتلي بفراقه فوضعه في واد غير ذي زرع مع أمه هاجر ، نعم كان لله تعالى تدبير أن تنشأ مكة في واد غير ذي زرع بتفجر زمزم ببركة وجود الطيبين : هاجر وإسماعيل ُثم ببركة دعاء إبراهيم عليه السلام من بعد .
وابتلي به مرة أخرى حين رأى في المنام أنه يذبحه فهمّ بذلك استجابة لأمر الله
فهل كان الذبح رمزا لزوال التعلق بالولد وصفاء القلب لله الذي اتخذ من إبراهيم عليه السلام خليلا ؟
وقد كان الفصل الاول من المحنة في حياة يعقوب عليه السلام بتدبير إخوة يوسف وكيدهم له .
وكان الفصل الثاني بتدبير يوسف وكيده ؛ ذلك الكيد الذي هو التدبير الخفي الذي جاءت نسبته قي كتاب الله إلى الله تعالى :
(كذلك كدنا ليوسف ما كان له أن يأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله )
فكان يوسف في الكيد الثاني أداة في يد القدر كما كان إخوته من قبل ، ولكن شتان بين الموقفين في النوايا ؛ فقد أرادوا بكيدهم سوءا بأخيهم ومن وراء ذلك بأبيهم بتزيين الشيطان لهم واتباعهم هوى أنفسهم
وأراد يوسف عليه السلام بذلك خيرا لتهيئة أبيه وإخوته لتمام النعمة وتحقق الرؤيا في أجلى صورها
لقد كان لقاء يوسف بأخيه الشقيق مبعث فرح له ، لقيه لقاء الأخ المسرور بأخيه
وإن كتم مشاعره في الظاهر
يتجلى ذلك في هذا الوصف القرآني المختصر :
(ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون )
وكم في هذا الموقف والقول من اختزال لمراحل من العمر واكتناز بمشاعر كانت تمور في نفس يوسف عليه السلام تجاه إخوته الكائدين وتجاه أخيه الشقيق الذي عانى بعد رحيل يوسف معاناة شديدة منهم .
وانظر كيف استطاع يوسف أن يخفي مشاعره في لقاء الصدمة الأولى تجاه إخوته وحبس مشاعره تجاه أبيه ثم دارى مشاعره حتى خلا بأخيه الشقيق فقال له ما قال مطمئنا له ليتهيأ لما سيكون من حوار حول صواع الملك .
وازن هذا بما كان من ظاهر موقفه مع إخوته في لقاءيه الأول والثاني . صحيح أنه رد إليهم بضاعتهم وذلك لم يكن منه تكريما لهم ولا حبا فيهم بل كان ذلك إشارة إلى أبيه الذي قلنا من قبل إنه فهمها وتجلى ذلك في الرد عليها بإشارة هي دخول أبنائه من ابواب متفرقة .
ومنها إرسال ابنه الذي طلبه يوسف عليه السلام رغم تخوفه عليه من كيدهم .
صحيح أن المحنةاشتدت على يعقوب فكانت كالنار التي تعلو درجتها تحت المصهر ليصفو الذهب من كل شائبة
اشتدت المحنة وما زال الشك وسوء الظن هو الموقف من يعقوب تجاه أبنائه :
( بل سولت لكم أنفسكم أمرا)
ولكنه لم يفقد الأمل الموعود بلم الشمل وتمام النعمة :
(فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا)
وتلمس يعقوب عليه السلام مما يحدث من المحنة حكمة رباتية خفية :
(إنه هو العليم الحكيم )
وأجد في قول يعقوب عليه السلام شيئا من العتب على يوسف الذي حبس أخاه عنده وزاد محنة أبيه المنتظر سنوات طوالا لتكتحل عيناه بيوسف وتتم النعمة لا سيما أنه بلغ من العمر عتيا :
( إن له أبا شيخا كبيرا )
أجد نوعا من العتب في قول يعقوب عليه السلام :
( يا أسفا على يوسف )
فهل نفهم من هذا القول أنه أدرك أنه يوسف هو عزيز مصر وأنه حبس أخاه ولوّع أباه بدلا من أن يسارع إلى لمّ الشمل ؟
ولذلك لم يدرك أبناء يعقوب مغزى ذكر يوسف في موقف نسوه فيه : و كان البحث فيه في أمر الشقيق المحجوز عند عزيز مصر بتهمة السرقة
ولذلك جاء قولهم في تعجب :
(تا الله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين )
وانظر قسوتهم في التعامل مع الأب المفجوع من قبل بيوسف ومن بعد بشقيقه واستخفافهم بعلمه وحكمته ،وانظر في رده الحكيم عليهم :
(قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون )
ثم انظر هذا الإصرار منه على ذكر يوسف وربطه بأخيه وانظر رقة خطابه للأبناء الذين يجد منهم قسوة مبعثها الجهل حين يبدأ خطابه بتذكيرهم أنهم أبناؤه :
(يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه )
وكأنه يقول لهم لقد اقترب موعد الفرج
قالها بثقة المؤمن المطمئن إلى وعد ربه
لكنه يظل بشرا له أحاسيس البشر ولو كان نبيا
ولذلك تأثر بالمحن
وابيضت عيناه من الحزن
ولكنه لم ييأس من روح الله












تمام النعمة بتأويل الرؤيا
لمسات قدرية في سورة يوسف 9
الحلقة الأخيرة
د.مأمون فريز جرار
صغيرة هي الدنيا وعجيب أمر أحداثها وقصيرة هي المسافة بين بدء المحنة وانجلائها
وإن طالت سنين يكبر فيها الصغير ويشيب الكبير وتتغير أمور
كم هو البون شاسع بين موقف إلقاء إخوة يوسف له في الجب بقلوب قاسية غشيتها ظلمة الحسد وغلفها كيد الشيطان وهوى النفس فلم تلق بالا لحقوق الأخوة ولم ترأف بقلب الأب ،
كم هو البون شاسع بين تلك اللحظة ولحظة المواجهة مع يوسف تلك اللحظة التي انكشف فيها الستار وزاول الحجاب عن وجه العزيز لينكشف عن وجه يوسف
يوم ألقى إخوة يوسف به في الجب كانوا في قمة النشوة
ويوم دخلوا عليه قبيل لحظة الكشف والمواجهة كانوا في أدنى حالاتهم النفسية :
(فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين)
ترى هل كان لهذا الموقف أثر بالغ في مسح كل جراح الماضي في قلب يوسف
تلك الجراح التي جعلت قلبه يقسو حينا من الزمن حتى يأتي وقت الكشف فلم يتعامل معهم من قبل كإخوة له بل كغرباء عنه بل تعامل معهم تعاملا أذاقهم عاقبة كيدهم له
بلغت المحنة مداها على إخوته بل على أبيه
وحان وقت المواجهة وكشف الحجاب
جملة واحدة منه هي التي أزالت عن أعينهم الغشاوة حين قال لهم :
(هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه من قبل إذ أنتم جاهلون)
وهنا نكتشف أن أخاه الشقيق قد ناله من كيدهم وظلمهم ما جعله يعجل بإحضاره إليه قبل الأسرة كلها ليعالج ما كان في نفسه من جراح قبل لحظة اجتماع الشمل لتكون لحظة صفاء منه ومن أخيه الشقيق .
يوسف ،،،
يقولها العزيز ،،
وكأنهم قد عاد إليهم الوعي واسترجعوا كل ما كان من هذا العزيز معهم اول مرة من رد البضاعة وإيفاء الكيل وطلب الأخ غير الشقيق وكل ذلك لم يجعلهم يفكرون ويسألون وينظرون في وجه هذا العزيز الغريب الأمر نظرة تفحص وتدبر
الآن وقد ذكر يوسف استردوا وعيهم وتوازنهم وقدرتهم على الإدراك
وقالوها هكذا بتخط لكل الحواجز والمراتب ومظا




تمام النعمة بتأويل الرؤيا
لمسات قدرية في سورة يوسف 9
الحلقة الأخيرة
د.مأمون فريز جرار
صغيرة هي الدنيا وعجيب أمر أحداثها وقصيرة هي المسافة بين بدء المحنة وانجلائها
وإن طالت سنين يكبر فيها الصغير ويشيب الكبير وتتغير أمور
كم هو البون شاسع بين موقف إلقاء إخوة يوسف له في الجب بقلوب قاسية غشيتها ظلمة الحسد وغلفها كيد الشيطان وهوى النفس فلم تلق بالا لحقوق الأخوة ولم ترأف بقلب الأب ،
كم هو البون شاسع بين تلك اللحظة ولحظة المواجهة مع يوسف تلك اللحظة التي انكشف فيها الستار وزاول الحجاب عن وجه العزيز لينكشف عن وجه يوسف
يوم ألقى إخوة يوسف به في الجب كانوا في قمة النشوة
ويوم دخلوا عليه قبيل لحظة الكشف والمواجهة كانوا في أدنى حالاتهم النفسية :
(فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين)
ترى هل كان لهذا الموقف أثر بالغ في مسح كل جراح الماضي في قلب يوسف
تلك الجراح التي جعلت قلبه يقسو حينا من الزمن حتى يأتي وقت الكشف فلم يتعامل معهم من قبل كإخوة له بل كغرباء عنه بل تعامل معهم تعاملا أذاقهم عاقبة كيدهم له
بلغت المحنة مداها على إخوته بل على أبيه
وحان وقت المواجهة وكشف الحجاب
جملة واحدة منه هي التي أزالت عن أعينهم الغشاوة حين قال لهم :
(هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه من قبل إذ أنتم جاهلون)
وهنا نكتشف أن أخاه الشقيق قد ناله من كيدهم وظلمهم ما جعله يعجل بإحضاره إليه قبل الأسرة كلها ليعالج ما كان في نفسه من جراح قبل لحظة اجتماع الشمل لتكون لحظة صفاء منه ومن أخيه الشقيق .
يوسف ،،،
يقولها العزيز ،،
وكأنهم قد عاد إليهم الوعي واسترجعوا كل ما كان من هذا العزيز معهم اول مرة من رد البضاعة وإيفاء الكيل وطلب الأخ غير الشقيق وكل ذلك لم يجعلهم يفكرون ويسألون وينظرون في وجه هذا العزيز الغريب الأمر نظرة تفحص وتدبر
الآن وقد ذكر يوسف استردوا وعيهم وتوازنهم وقدرتهم على الإدراك
وقالوها هكذا بتخط لكل الحواجز والمراتب ومظاهر الملك من غير تحفظ تلك التي كانوا في أسرها قبل قليل حين طلبوا منه أن يتصدق عليهم ، قالوا :
( أإنك لأنت يوسف )
ولندقق في التعبير ، لم يقولوا أأنت يوسف ؟ استفسارا بل جاؤوا بإن بعد الاستفهام ولام الابتداء (المزحلقة ) تعجبا من أمور :
من أنفسهم أنهم لم يعرفوه من قبل وقد خفي عليهم أخوهم
وتعجبا مما آل إليه أمره من العز بعد كيدهم له :
تعجب واستنكار واستحياء من أنفسهم وقد واجهوا أخاهم بعد فعلتهم السوداء معه وبعد مواجهتين كان يعرفهم فيهما وكانوا عنه من الغافلين
ونحس أنهم هم هم لم يتغير باطنهم ومنهجهم في المقارنة
ولذلك قدموا المقارنة بينه وبينهم على الاعتذار :
(قالوا لقد آثرك الله علينا )
وبعد ذلك جاء قولهم :
(وإن كنا لخاطئين )
ويأتي جواب من صفت نفسه بعد أن عالجها بما مر من أحداث مهدت لهذا الموقف :
(لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
وفي ذكر ( اليوم) معالجة لما قد يقع في نفوسهم من خوف الانتقام
وفي رد المغفرة إلى الله إعلان عن تنازله عن حقه الخاص
وبقي الأمر بينهم وبين ربهم
إن علم منهم صدق التوبة غفرلهم
ويمضي البشير بقميص يوسف ليلقيه على وجهه ليعود إليه بصره بعد أن ابيضت عيناه حزنا على يوسف وتأثرا بما مر به من محن ونجد يعقوب عليه السلام في موقف لا يليق به لا باعتباره نبيا ولا باعتباره أبا أو جدا حين يجد ريح يوسف قبل وصول البشير
ونجد رد الفعل ممن حوله من أبناء لم يكونوا مع المسافرين أو من أحفاد له لأن السياق قال :
(قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف )
وواجهوه بما لا يليق به بقولهم
(تالله إنك لفي ضلالك القديم )
ويصل البشير ويعود البصر إلى عيني يعقوب
ويسترد مكانته في القلوب بعد أن تيقنوا أنه لم يكن مخرفا في ما كان يتحدث به عن يوسف من قبل ومن بعد
ويقف الأبناء بعد عودتهم من مصر موقفا حرجا آخر مع أبيهم ظهر فيه كذبهم القديم بادعاء أكل الذئب ليوسف
وطلبوا منه أن يستغفر لهم
والاستغفار علامة مسامحة
ولم يبادر يعقوب إلى الاستغفار لهم لأنه كان في شغل عنهم بتحقق الرؤيا وتمام النعمة والشوق إلى يوسف الذي غاب عنه سنين طويلة
والتم الشمل وتحققت الرؤيا يوم وصل ركب آل يعقوب مصر ودخلوها آمنين في رعاية يوسف العزيز في مشهد تتجلى فيه نعم الله ولمسات القدر التي تسوق الناس إلى ما قضى الله وقدر مما لا يحاسبون عليه وهو من فضل الله ورحمته فهو العليم الحكيم .
( ورفع أبويه على العرش وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا).
شيخالشيوخ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
allah, helpe


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:26 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
:: جميع الحقوق محفوظة لمنتديات لغاتى التعليمية ::